الامتحان العجيب
أفقت فوجدت نفسي في لجنة الامتحان ..إنه الامتحان الأخير
وسيتوقف عليه.. يا إلهي..مستقبلي..مستقبلي..وبدأت أردد
هذه العبارات مرات ومرات..ونظرت إلى ورقة الأسئلة ولم
أكن قد انتبهت إليها منذ وضعها المراقب أمامي.. كانت
الأسئلة بسيطة جداً..أو هكذا تخيلتها في بادئ الأمر..وبدأت
كعادتي أقرأ الورقة من أولها إلى آخرها فلاحظت أن خانة
زمن الامتحان قد تركت خالية..ثم وجدت نفسي أصيح مع
الصائحين "أين المراقب أين المراقب ؟
فقال المراقب:" إنها ليست غلطة بل هي مقصودة فلا زمن
للامتحان..كل ما عليك هو أن تجيب؟؟ وكم كانت الصدمة
قاسية..فمستقبلي يتوقف على امتحان لا أعرف له زمناً !!
ووجدت في الإرشادات"أجب قدر طاقتك، ستحاسب على قدر
طاقتك بناءً على المدة الفعلية التي قضيتها في
الإجابة ..اطمئن لن تظلم.. تعاون مع كل ذي رأي من أعضاء
هيئة التدريس والزملاء والدارسين بجانب الكتاب المقرر
وكافة المراجع والكتيبات.
يا الله.. ما أجملها من تسهيلات ولكن فقط فإن الورقة ستسحب
في أي لحظة..ولا أجد غير الله.. فاللهم ألهمني ووفقني.
وأحاول التركيز ولكن ألتفت حولي ويا للعجب . فهناك من لا
يعطي هذا الامتحان المصيري أدنى حظ.. فبعضهم يلهو ويلعب
والآخر يقرأ الورقة ويضحك مستهزئاً وآخر جلس يرسم على
الورقة يرسم وترك الإجابة.
فقلت عجباً.. والامتحان .. فقالوا لي: يا عم سيبك وهي ساعة
الحظ تتعوض. والتفت إلى ألعابـهم وما يلهون به فوجدتها
حقاً جذابة ومدهشة ومسلية، وهممت بمشاركتهم لولا ما حدث
فجأة !!
فلقد قطع الهدوء صوت يصرخ فإذا هو زميل بجواري يقول
صارخاً " لم أكتب شيئاً بعد،شغلني اللعب مع أصحابي عن
الكتابة مع أني أعرف الإجابة ..لم أكن أتوقع أنكم جادون في
تنفيذ التعليمات..أتوسل إليك أعد لي الورقة.. مستقبلي
سيضيع" يا للهول لقد سحبت منه الورقة وهو يندم ويتمنى
لو كان استغل كل دقيقة من زمن إجابته.. ورغم هذا المشهد
المؤلم إلا أن الكثير لم يتعظ وما زال يلعب ويلهو..وانتبهت
لنفسي ولم أكتب شيئاً بعد .. وأحاول التركيز ولكن أصوات
اللاعبين حولي تشوش عليّ وتمنيت لو أجلس وسط أناس
هادئين.. وتمنيت لو أني لم أجلس في هذا المكان الموبوء
وأخذت أتتلفت حولي لعلي أعثر على هذا المكان فوجدت
مجموعة تجلس بهدوء وسكينة يجيبون متعاونين ويساعدون
غيرهم تردّدّت نفسي في الانضمام إليهم بسبب أن البعض
يسخر منهم ومن جديتهم بل إن البعض كان يؤذيهم. ولكني
قلت" إن لم أنضم إليهم فلن أنجح في هذا الامتحان، ولأحتمل
ما يصيبني فاقـتربت منهم وقلت لهم هل تقبلوني
معكم..فوجدتهم يبتسمون ويرحبون بي وسرعان ما أفسحوا
لي مكاناً بينهم، وبدأنا بمساعدة بعضنا وحل الأسئلة وكم
كانت سهلة لأننا مع بعضنا. وفجأة اقترب المراقب من زميلي
ليأخذ الورقة، انزعجنا جداً من أجله ولكني وجدته يبتسم وهو
يقول :" لقد بشرني المراقب بصحة إجاباتي فلقد عملت ما في
وسعي ولم أقصر وأنا مطمئن إلى عدل المصحح ورأفته
ورحمته"
والآن أنا أنتظر دوري وصوت يهمس في أذني ويقول:
"أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون"
ونظرت إلى بقية الطلاب الغافلين وأشفقت عليهم وأنا أردد:
"ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من
الحق"